Cancel Preloader
ندوات المركز

التربية على المقاومة الاقتصادية

  • 2024-08-17
  • 474
التربية على المقاومة الاقتصادية

نظّم مركز الأبحاث والدراسات التربوية الملتقى التربوي رقم 5 للعام 2024 وذلك عصر نهار الخميس بتاريخ 25-7-2024 م، تحت عنوان [التربية على المقاومة الاقتصادية] (قدمه الدكتور يوسف أبو خليل).

  • المداخلة رقم 1: نظرية الاقتصاد المقاوم التي طرحها سماحة الإمام الخامنئي (حفظه الله)  (د. علي زعيتر/ لبنان)
  • عرض خلاصة نتائج استطلاع المركز حول السلوك الاقتصادي بين الدعم والمقاطعة
  • المداخلة رقم 2: المقاومة الاقتصادية في الاستهلاك والإنتاج (د. عبد الحليم فضل الله/ لبنان)

 

بدأ الملتقى بمقدمة للدكتور يوسف أبو خليل قال فيها:

التربية على المقاومة كانت محور أساسي لمركز الأبحاث والدراسات التربوية في العام 2024 م، حيث ركزنا فيها على نظرية المقاومة ودور الإعلام في التربية على المقاومة، فلسطين في الكتاب المدرسي، التربية على المقاومة الحق والمشروعية، التربية على المقاومة في الثقافة الأسرية، والتربية على المقاومة وبناء الهوية الوطنية، واليوم نريد أن نناقش موضوع التربية على المقاومة الاقتصادية، فهناك تركيز بالتربية الحديثة على الاقتصاد والمباحث الاقتصادية، لأن الشق الاقتصادي أو البعد المادي هو من الأبعاد المهمة وخاصة في الأزمنة، ونحن سنتطرق إلى هذا الموضوع ضمن محورين أساسيين المحور الأول سنتحدث فيه عن نظرية الاقتصاد المقاوم التي طرحها سماحة الإمام الخامنئي (حفظه الله) والتي أسس لها مباني، وفي المحور الثاني نتعرف على الجانب المتعلق بالمقاومة الاقتصادية، وخاصة بعد ما حدث في فلسطين وموضوع المقاطعة للمنتجات الداعمة للعدو الإسرائيلي، كيفية المقاومة في الاستهلاك والإنتاج. بالإضافة إلى أننا سنعرض نتائج استطلاع رأي قام به المركز حول رأي الناس في كيفية المقاومة الاقتصادية، وكيفية التعاطي مع المنتجات وكيفية الاستهلاك في العمل المقاوم.

 

المداخلة رقم 1: (د. علي زعيتر/ لبنان)

سماحة القائد (حفظه الله) عندما نظّر بموضوع الاقتصاد المقاوم، كان ينظّر لتأسيس مذهب اقتصادي أو سياسات اقتصادية مبنية على الرؤية الإسلامية في إدارة شؤون الحياة المادية، لذلك العمق يكمن هنا. ففي موضوع الاقتصاد المقاوم حاولت قدر الامكان بما اطلعت عليه شخصيا أو بما استجد في الجمهورية الإسلامية على مستوى الأبحاث النظرية والتطبيقية فيما يرتبط بالاقتصاد المقاوم، ونحن والأخوان عملنا على ما يُعرَف بالوثيقة التربوية الاقتصادية التي بُنيت على أساس فكر سماحة القائد (حفظه الله) والشهيد الصدر (رحمه الله)، ويمكن اعتبارها من أمتن ما كُتب علميا على مستوى الرؤية وليس النظرية. فبحث النظرية هو الأدوات، ولا علاقة لها بالرؤى إلا ببعض التفاصيل.

نحن لدينا مصطلحين تربية اقتصادية واقتصاد تربوي. فكما يوجد عندنا مقاومة اقتصادية،  فهناك اقتصاد مقاوم. ومن خلال التربية الاقتصادية نصل للاقتصاد المقاوم، ومن خلال الاقتصاد المقاوم يتّضح معنا البنية الفكرية عند سماحة القائد (حفظه الله)، وهنا يأتي دورنا حول كيفية تسييل كلام سماحته في العملية التربوية، حيث قمت على مدار 25 عامًا بتجميع خطابات سماحة القائد (حفظه الله)، وتم تحليلها بطريقة نموذجية تتعلق بتحليل المحتوى، فهذا هو المنهج الذ يتمّ اتباعه في هذه العملية البحثية.

 

عندما نتكلم عن مقاومة اقتصادية واقتصاد مقاوم في إيران، كان هناك نقاش حاد بين الليبراليين الإيرانيين والإسلاميين الإيرانيين، حيث تمحور النقاش هنا:

- المقاومة الاقتصادية بمعنى تدعيم الاقتصاد، أي الليونة كي يقدر على مواجهة المؤامرات، أي القدرة على التكيف.

- والاقتصاد المقاوم الذي أطلقه سماحة السيد القائد (حفظه الله)، حيث بدء بالحوزة وبعدها امتد للمجال الأكاديمي والجامعي. وعليه بدأت مقولة الاقتصاد المقاوم تأخذ مداها حول كيفية التطبيق.

 

هناك سببين رئيسيين لما يجعلا وحدة رأي في هذا الموضوع:

  •  شيء له علاقة بكيفية دراسة ما يعرف بالصدمات السلبية التي يصاب بها الاقتصاد، ومعايير كيفية قياس، كيف يقاوم الاقتصاد؟
  •  النقطة الأهم أيضا العلاقة بموضوع التربية والتعليم. حيث كان هناك حديث حول كيفية دمج وإدخال مفهوم الاقتصاد المقاوم على المدارس وعلى التعليم. على الرغم أنه في عام 2011 م تم إعداد سياسات الاقتصاد المقاوم وأبلغ بها النظام كله عبر مصلحة تشخيص النظام.

 

الإشكالية الأساسية في الاقتصاد المقاوم هي كيف يمكن مواجهة التقلبات الاقتصادية التي تنشأ عن الصدمات الخارجية التي تأتي على الاقتصاد؟ أي مروره بمراحل الرواج ثم يصبح ركوداً ويصبح كساداً ويعود مرة أخرى. خاصة أن إيران منذ عام 2012 م تقريبا إلى الآن هي ضمن حصار كامل مطبق لم يحصل له مثيل في التاريخ.

طبعا بالرؤى الأخرى لم يتطرقوا إلى تغيير بنيوي في الاقتصاديات، حيث كانت تعتمد على اقتصاد مبني على رؤى الليبرالية، اقتصاد السوق، أو في أحسن الأحوال اقتصاد مدمج أو مختلط من زمن الشيوعية. ولكن بقيت الرؤية الكلاسيكية التقليدية في إدارة الاقتصاد، وقاوموا هذه الصدمات بنفس الآليات والميكانيزمات المعمول به على مستوى النظرية الاقتصادية التي تدرس في الجامعات. ولمواجهة هذه الإشكالية يقول سماحة السيد القائد (حفظه الله) الاقتصاد المقاوم هو الاقتصاد الذي يستطيع تحت ظروف العدوان والانقطاع، يعني حصار، حرب اقتصادية، نزاعات،... إلى آخره، أن يساعد في نمو وازدهار البلاد. فالرؤية من هذا المنظور المتعلقة بإدارة الموارد المادية والبشرية، لا تعني فقط أن لا نتراجع، بل أن يحدث نمو وازدهار، يعني أن يصبح دائما عندك ما يعرف عنه بالنمو والتنمية المستدامة، استنادا لعدد من السياسات الاقتصادية بهدف تحقيق الأهداف الاقتصادية، ومن خلال إزالة العوائق والاستفادة من العوامل المساعدة في هذا المجال. فإذاً الاقتصاد المقاوم هو يدمج بين رؤية وغايات اقتصادية ونظرية اقتصادية.

 

ما هي أبعاد نموذج الاقتصاد المقاوم من وجهة نظر السيد القائد (حفظه الله)؟

الأبعاد ومحتوى الاقتصاد المقاوم، لكل بعد عدة محتويات، بعد معرفي وتكنولوجي، بعد اتجاه داخلي، رسم السياسات الثقافية، صناعة السياسات العامة المرتبطة بالقيم والمعرفة، صناع السياسات مدراء التعليم بوزارات التعليم، الأساتذة، النخبة العلمية. هذه هي الأبعاد وهذا هو المحتوى. ومن أهم عناصره أيضا موضوع العدالة الاقتصادية والاجتماعية. ومن أهم عوائقه الاسراف والتبذير وبيع النفط (أي اعتماد الاقتصاد على الموارد الطبيعية)، ومن العوامل التغييرية حاكمية القانون وغيرها. والذي يتنج عن هذا الاقتصاد هو المهم، فيجب ان ينتج عنه الاستقلال والنمو المستدام وموضوع الاكتفاء الذاتي (السيادة على الغذاء وتأمين السلع والخدمات الضرورية بما لا يقدر العدو ان يتحكم بها)

 

تم اصدار وثيقة تضم مباني وأصول اقتصادية مبنائية وسلوكية، هي تطبيقا للنموذج الذي تكلم عنه سماحة السيد القائد (حفظه الله)، وتحمل أيضًا جزءًا من الفكر الاقتصادي للشهيد الصدر (رحمه الله). فالمسار هو صياغة برامج تعبئة الإدارات، يعني استنفار الإدارات المعنية وتقسيم الوظائف نحن نبدأ بدمج الاقتصاد المقاوم بالعملية التربوية، وهذا أيضا من كلام سماحة القائد (حفظه الله).

وطبعا هنا يوجد أولويات، أول شيء رسم الاستراتيجيات التي تدمج الاقتصاد المقاوم بالتربية، يعني أن نعمل استراتيجيات تربوية اقتصادية مقاومة، رسم السياسات العامة وبناء عليها نعمل الإجراءات. أما الاستراتيجيات فهي تطوير دور التربية، يعني أنا يجب أن أحدد الاستراتيجيات التربوية والتعليمية وخاصة في مرتبة المساواة والتفاوت الطبقي والتنمية المستدامة زيادة الكفاءة المساواة إلى آخره. السياسات العامة من خلال إعطاء مساحات أكبر لدور التعليم في تطبيق العدالة، وفي مجال تقوية العلاقة بين التعليم وسوق العمل...إلخ.

 

بموضوع التربية الاقتصادية في أربع ميادين أساسية:

  •  البيئة التعليمية والتربوية: فأنا لا أستطيع أن أنتج اقتصاد مقاوم إذا ما كانت البيئة الحاكمة على العملية التربوية كلها بعيدة عن الاقتصاد والفكر الاقتصادي.
  •  التربية القتصادية منذ الصغر:ا فعلينا تعليم الأطفال المقاومة وثقافة الشهداء والشهادة والتضحية والسلوكيات الاقتصادية في المتن الدرسي، وليس فقط تحصيل المعارف عبر التلفاز أو الإنترنت. فيجب على الطفل ان يرى الشهداء كيف يشربوا ويأكلوا دون إسراف، والحكمة باتخاذ قرارات باستهلاكهم للموارد المتاحة.
  •  الإدارة الجهادية الكفوءة: الإدارة الجهادية المتعلقة بإدارة المدرسة، بالوزارة، بالمدير العام، من البواب لرئيس المدرسة. هؤلاء يجب أن يتمثلوا بالسلوكيات الاقتصادية المقاومة.
  •  مشاركة الناس وعموم الناس: هي من أهم النقاط التي عملة قفزة نوعية في إيران خصوصا على مستوى التربية والتعليم، فالشعب هو من عمل تحول على مستوى الضغط على المدارس لإعادة ترتيب أولوات على مستوى المحتوى والمضمون والإدارة.

 

عرض خلاصة نتائج استطلاع المركز حول السلوك الاقتصادي بين الدعم والمقاطعة

أجرت مديرية الدراسات الميدانية  في مركز الأبحاث والدراسات التربوية استطلاعاً تحت عنوان "السلوك الاقتصادي بين الدعم والمقاطعة"، وهو استطلاع موجه لمن هم أكبر من 15 سنة، وشارك فيه 664 فرداً، وذلك بين 10 و23 تموز 2024، وجاءت النتائج بالخلاصة كالآتي:

  1. وجود وعي بالعموم لمسألة المقاطعة.
  2. يظهر تأثير الأزمة الاقتصادية، ومن ثم الحرب على غزة بالعموم في السلوك الاقتصادي.
  3. تقدّم أولويات الحياة باتجاه الأساسيات على الكماليات، بخلاف ما هو شائع من انطباعات.
  4. تقدم أولوية المنتج الوطني في أغلب الميادين.
  5. إمكانية استثمار الأرضية للدفع أكثر باتجاه تعزيز وتنشيط وتبني الصناعة الوطنية.
  6. العمل على رفع جودة المنتج الوطني، وهذا يستلزم عملاً تخصصياً في كل مجال على حدة.
  7. تهيئة الأرضية للتوسع في حملات المقاطعة، وفضح الشركات العميلة أو المتسترة بأسماء وهمية.

 

المداخلة رقم 2: (د. عبد الحليم فضل الله/ لبنان)

عندما نتحدث عن المقاومة الاقتصادية، لن نتحدث عن اقتصاد بالمعنى المادي، حيث يتبادر إلى الذهن، فصحيح أن الاقتصاد هو شأن مادي، الاقتصاد هو في الانتاج شأن مادي، وفي الاستهلاك والانفاق شأن مادي، وفي كل مندرجاته هو شأن مادي، لكن هو قبل ذلك يرتبط بالتصورات، تصوراتنا الاجتماعية والثقافية والتربوية هي التي تحدد الاقتصاد الذي نريد، ومعنى الممارسات الاقتصادية التي نقوم بها، بتعبير أوضح حتى يكون لدينا مقاومة اقتصادية ينبغي المرور على أربع درجات ومراحل أو بالأحرى مسارات:

  •  المسار الأول هو على مستوى المفاهيم المفتاحية والنظرية.
  •  الأمر الثاني على مستوى الموارد المتاحة المرتبطة بالجدوى.
  •  الأمر الثالث هو السياسات.
  •  الأمر الرابع هو السلوك.

فلا يمكن تغيير السلوك الاقتصادي إذا كانت السياسات الاقتصادية لم تتغير، إذا كانت الموارد غير متاحة، إذا كان الوعي النظري للمسائل الاقتصادية غير ممكن، التربية والثقافة مرتبطة بالعنصر الأول والعنصر الأخير، أي بالنظرية أولا وبالسلوك الاقتصادي أخيرا.

العملية الاقتصادية لها علاقة بالموارد ولها علاقة بالسياسات، والوعي النظري، فنحن بحاجة إلى نظرية للمقاومة الاقتصادية، فنظرية الاقتصاد المقاوم التي أسس لها سماحة السيد القائد (حفظه الله) تقوم بوظيفتين:

  •  أولا لتقول للدول وللمجتمعات أننا قادرون على المقاومة الاقتصادية.
  •  الأمر الثاني وهي أنها حامل للنظرية الإسلامية لاختراق الحدود الإسلامية.

فنحن لا نستطيع أن نذهب إلى فنزويلا ونقول لهم طبقوا الاقتصاد الإسلامي، لكن يمكننا الذهاب إلى فنزويلا والقول لهم لدينا نظرية الاقتصاد المقاوم، بينما يمكننا ان نذهب إلى إيران ونقول لدينا نظرية اقتصاد مقاومة، وهي نظرية إسلامية للاقتصاد. لكن عبور الحدود للأفكار الاقتصادية الإسلامية عبر هذه النظرية هو أمر مهم. هذا الأمر الأول.

 

الأمر الثاني ما هي تصوراتنا للمفاهيم الاقتصادية؟

سأعطي أمثلة بسيطة، إذا تكلمنا عن الإنتاج والنمو، فمرة نسب الانتاج والنمو تكون بدون أن نحسم منه كلفة التلوث، وهذا تصوّر خاطئ لأنه متعلق بانحدار الصحة على المستوى الوطني، أما إذا غيرنا المفهوم وقلنا بأننا نأخذ بعين الاعتبار كلفة التلوث، فالخمسين بالمئة نمو قد تصبح عشرة بالمئة. وكذلك الأمر الآخر الذي يجب أن يأخذ بالحسبان وهو عدالة التوزيع للمداخيل، فالاقتصاد الإسلامي يأخذ عدالة التوزيع ضمن حساباته. والأمر الآخر هو العمل التطوعي، فمثلاً الأخوة والأخوات الذين خدموا في المضائف على حب أبي عبد الله الحسين ع في عاشوراء، وقدموا آلاف الساعات من العمل، هؤلاء عملهم الإنفاقي التطوعي يتم احتسابه في الاقتصاد الإسلامي، أما في الاقتصاد العادي الليبرالي فهو أعمى تجاههم، وكم من عائلة استفادة من هذا الإنفاق على الطعام وغيره، وهذه أيضًا لا يراها الاقتصاد العادي، ولكن في الاقتصاد الإسلامي كل هذه الأمور تؤخذ بعين الإعتبار وتزيد من الناتج. فالإسلام والاقتصاد الإسلامي يعتني بهذه التفاصيل، فالاقتصاد المقاوم يعتني بالنتائج، فلا يهمه كم يزيد من النمو بل يهمه كم يزيد من السعادة.

 

يأتي للمفهوم الثاني وهو الاستهلاك. بالتعريف الغربي يقول الاستهلاك هدفه زيادة المنفعة وزيادة الإشباع، أي أن سعادتي ورفاهيتي تتحقق من خلال زيادة الإشباع، كيف؟ من خلال المرور بالسوق. بمثال بسيط إذا استهلكنا خدمة المطعم ودفعنا مبلغ 100$، الاقتصاد سيقرأ أنه هناك شخص زادت رفاهيته وإشباعه بمبلغ 100$، وستظهر بالنتائج، أما إذا استضفنا أقاربنا وأهلنا ورفاقنا على البيت، وأعطيناهم نفس الخدمة بتكلفة 10$، فسيظهر بالاقتصاد بأن الرفاهية قد زادة بـمبلغ 10$ فقط، على الرغم من أن السعادة داخل المنزل بهذا الاجتماع العائلي قد تكون أكبر بكثير من السعادة التي سيتم الحصول عليها في المطعم. لذلك سماحة السيد القائد (حفظه الله) قال بنظريته الهدف بدل فكرة النمو والتنمية، هو التقدم بالسعادة، أي تحقيق السعادة بالمعنى المادي وبالمعنى المعنوي، أي أنه ممكن أن أقوم بأمور لا تؤدي إلى زيادة الإنتاج أو الاستهلاك المادي بنظر الغرب ولكن هذه الأمور تزيد من رفاهيتي وسعادتي، وهذه أيضا تلحظها النظرية الإسلامية. الغرب حاول مقاربة هذا الموضوع من خلال ما يسميه باقتصاد التجار،ب بمعنى أنه أستطيع من خلال التجربة أن أزيد الانتفاع أكثر من الاستهلاك المادي، فعلى سبيل المثال أذهب للهند وأزورالآثار أو المعابد أو الأماكن الثقافية التي عندهم، وأنفق شي بسيط، وهذا قد يعطيني إشباع أعلى بكثير لو ذهب على أكبر مطعم بالهند وأكلت أفضل طعام عندهم.

 

فالخلاصة حتى نبني اقتصاد مقاوم ومقاومة اقتصادية علينا أن نبدأ بالنظرية.

الأمر الثاني القدرة، فلا نستطيع بدون موارد مادية وبشرية أن نزعم أننا قادرين على المقاومة الاقتصادية، فالموارد هي أساسية بالمقاومة الاقتصادية. عملنا الفكرة الاقتصادية، أعدنا النظر بالمفاهيم، هذه عملية فكرية اجتماعية ثقافية وتربوية، لكن لا تكفي، فإذا قمنا بالمواعظ وعلمنا أولادنا بالمدارس أن يغيروا من سلوكهم الاقتصادي أو من سلوكهم اليومي بالاستهلاكي، لن يتغير هذا السلوك إذا كانت الموارد غير متاحة، وإذا كانت السياسيات الاقتصادية غير موجودة. ففكرة الاقتصاد المقاوم التي تؤدي إلى المقاومة الاقتصادية يجب ان تأخذ بعين الاعتبار تعبئة الموارد، فتعبئة الموارد هي أساس السياسات اليوم، فبدون تغيير السياسات لن نستطيع تأمين البدائل الإنتاجية والاستهلاكية، ففي كل بلد يجب أن يكون هناك سياسات داعمة، يعني تغيير واحد بالمئة من الرسوم الجمركية لحماية الإنتاج المحلي أهم بكثير من آلاف الساعات التي قد نصرفها بالبرامج التوعوية، فالتوعية لوحدها لا تكفي، فالسياسات أساس، فهناك شيء يسمى الحماية، وهناك شيء يسمى الدعم، وهناك شيء يسمى السياسات المالية والنقدية المؤاتية، كل هذا موجود، وهو أساسي، بدونه لا يمكن أن يكون هناك مقاومة اقتصادية.

آخر شيء يأتي السلوك، فإذا غيرنا المقاربة وأعدنا النظر بالمفاهيم وعبأنا الموارد وغيرنا السياسات وبقى السلوك الاقتصادي كما هو، عندها يكون لدينا مشكلة. أعطي مثال بلبنان نحن ننفق ونستهلك ليس بحسب الجدوى بل بالعدوى، ففي المناطق الريفية والأقل غنى والفقيرة، معدل الفقر قريب نسبته من وعي الفقر، يعني عشرين بالمئة من الناس يعتبروا أنفسهم فقراء، وعشرين بالمئة من الناس هم فعلا فقراء، حتى ولو لم يكونوا هم أنفسهم، وهذا يعني أن وعي أنفسنا كفقراء يتطابق مع واقع الحال. لماذا؟ لأنه أنا في منطقة فقيرة وأرى كل من حولي نموذج استهلاكي متواضع، فلا يوجد من يستفزني لشراء الايفون والسيارة الجديدة وغير ذلك من السلع، بينما في بيروت التي تعتبر هي الأغنى، معدل الفقر الفعلي هو خمسة بالمئة قبل الأزمة، بينما وعي الفقر خمسة وعشرين بالمئة، أي 25% يعتبرون أنفسهم فقراء، لأنهم يعيشون في النموذج الاستهلاكي البذخي المحيط الفرط.

السلوك هو أساسي، فنحن يزيد إحساسنا بالفقر إذا كان السلوك الاجتماعي هو محرض على الاستهلاك، ويقل إحساسنا بالفقر إذا كان السلوك الاجتماعي غير محرض على الاستهلاك.

 

هناك خلفية أيديولوجية للاستهلاك المفرط، حيث يتم إنقاذ الرأسمالية من خلال الاستهلاك، فالرأسمالية تتراجع إذا غاب الاستهلاك المفرط عنها وكذلك وتنخفض الأرباح، فالاستهلاك المفرط هو أساس في بقائها.

الأمر الثاني فيه معاني اجتماعية وثقافية للاستهلاك، ليس فقط الإشباع، الترميز الطبقي والترميز الاجتماعي، الفرضية الأساسية في الحداثة ماذا تقول؟ تقول أنني أريد أن أغير لك كل نمط حياتك، من تفكيرك، لنظرتك للدين، لنظرتك للأسرة، لنظرتك للاستهلاك. أما ما بعد الحداثة قالت لا أواجه وجهًا لوجه، لا اواجه القيم، أضع القيم جانبًا، وأعمل عليه على موضوع الاستهلاك، فالنظرية أنت دينك حرّ فيه، ويقول لك تفضل الى الاستهلاك السلعي والخدماتي، ولكنه في الحقيقة هو يهدف لاحقا أن يؤدي هذا الاستهلاك إلى نقل قيم معه بطريقة خفية.

الفرضية الأساسية تقول أن المقاومة الاقتصادية تحقق أهداف الرشد الاقتصادي، من خلال الانتاج والاستهلاك، فالاستهلاك يحقق النمو، والانتاج يحقق النمو أيضا، لكن أي انتاج وأي استهلاك؟ فليس كل انتاج هو إيجابي وليس كل استهلاك هو سلبي.

بالنسبة للاستهلاك، المفهوم الإسلامي هو الانفاق، وهو أوسع من الاستهلاك، تتحقق السعادة من خلال الانفاق وليس من خلال الاستهلاك نفسه.

فمثلاً مفهوم الاستهلاك المفرط، هناك شيء سلبي في سلوك الناس في لبنان. اليوم برقم بسيط نحن نستورد 109% من ناتجنا. يعني اذا كان الناتج اللبناني على ما يقال بين 18 و25 مليار، فنحن نستورد تقريبا ما يساوي مجموع دخلنا، وهذا الشيء سلبي كثيرا. فالاستهلاك المفرط، كما الفساد وسرقة المال العام، كان سبب الأزمة الاقتصادية في لبنان. الاستهلاك المفرد ليس فقط الدولة. ففي لبنان استعملنا مواردنا بالاستهلاك المفرط.

في المقابل حتى نستطيع أن نقاوم اقتصاديا، يجب أن يكون لدينا رشد، فكل ما كنا أكتر رشدا نكون أكتر قدرة على المقاومة الاقتصادية، وأن يكون هناك فعالية اقتصادية، فكل ما نحن فعالين أكتر، نكون أكتر قدرة على المقاومة الاقتصادية، وأن يكون لدينا توازن على مستوى الموازين الأساسية كميزانية الدولة بالحساب الخارجي، وميزان المدفوعات، وعلى مستوى ميزانية الأسرة، فهناك أسر تستدين أكثر من قدرتها وهذا ما يمنع المقاومة الاقتصادية، في الرشد الاقتصادي علينا التفكير بكيفية توزيع الدخل ما بين الاستهلاك وبين الادخار، فالإنفاق هو فيه إنفاق استثماري وإنفاق استهلاكي، أنا أوزع دخلي ما بين الاستهلاك والادخار، وعليّ دومًا التفكير في شيء اسمه ادخار للوقاية من الصدمات، حتى يكون هذا الادخار للإحتياط وللاستثمار. فلا يصحّ أن يعتمد الإنسان أو الدولة على موارد غيره لينمي نفسه، وإلا نذهب للتبعية والإرتهان للآخرين.

 

بالنسبة للمقاطعة، مقاطعة المنتجات التي تدعم العدو تنجح بالأزمات (مثلا: انتفاضة، حرب على لبنان، حرب على العراق..إلخ) حيث تزيد نسبة المقاطعة، ثم لاحقا في حالات غياب الأزمة تتراجع هذه المقاطعة. لذلك من الجيد أن يكون هناك حملات مقاطعة لتكريس المقاطعة كثقافة. ولكن المقاطعة كان منظمة ضمن اتفاقية عربية فهناك مكتب للمقاطعة تابع للجامعة العربية، وهذا المكتب قام بإجراء عشرات المؤتمرات للمقاطعة، ولكن مع اتفاقيات السلام تراجعت هذه المكاتب في بعض الدول العربية، أما الدول التي ليس لديها اتفاقات مع العدو الإسرائيلي فموجود فيها مكتب المقاطعة، لكنه شبه معطل، في لبنان مثلا يعمل على أقل وتيرة حاليًا، أما سابقًا فكان عمله فعالا أكثر حيث أجبر سابقا شركة كوكاكولا تغيير اسمها لتصبح كاكولا في لبنان.

اليوم الاقتصاد الإسرائيلي الجديد مع نتنياهو الذي هو لبيرالي بالاقتصاد، ماذا غيّر؟ قال نريد أن نجعل إسرائيل (الكيان المؤقت) أن تكون هي المركز الأساسي للشركات الكبرى والتكنولوجيا بالعالم، فقبل حرب غزة استطاع الكيان الإسرائيلي أن يجتذب معظم الشركات الغربية حتى تكون مراكزها الأساسية والتكنولوجية لديه، وهذا ما ساهم بالنمو الاقتصادي لديه، وتحسن بقيمة عملته الشيكل، حيث كانت سابقا الموازنة الاسرائيلية في العام 1985 م أسوأ من الموازنة اللبنانية ووضع الشيكل كان مزريا، وفي الخمسينيات اضطروا أن يجمعوا الأموال كي لا يحدث مجاعة عندهم، وكل هذا كان بسبب المقاطعة.

بالنسبة لنا المقاطعة بدرجاتها الثلاث في لبنان وبالدول غير المطبعة، بالدرجة الأولى لا استورد من الكيان، بالدرجة الثانية لا أتعامل مع شركات تستثمر بالكيان، بالدرجة الثالثة لا أتعامل مع شركات ودول تتعامل مع الكيان. فهذه المقاطعة تشد الخناق على عنق هذا الكيان الغاصب.

أخيرًا وفي موضوع المقاطعة أيضا قمت بجمع أهم الماركات الداعة للكيان الصهيوني، فكانوا تقريبا 125 ماركة، هذه الماركات تتوزع بين منظفات وعناية شخصية 22%، مأكولات سريعة 12%، أدوات منزلية 14%، تكنولوجيا الاتصالات وتطبيقاتها 11%، مياه ومشروبات غازية 10%، ألبسة واحذية 7%، وغير ذلك..إلخ. فإذا استبعدنا تكنولوجيا الاتصالات وتطبيقاتها، لأننا لا نستطيع أن نقاطع التكنولوجيا إذا لم يكن هناك بدائل، وليس لأغراض الاستهلاك بل لأغراض التنمي والتقدم، فكل ما بقي من منتجات يمكننا الاستغناء عنه، فيمكننا أن لا نذهب إلى ستارباكس، ويمكننا أن نشتري منظفات ببدائل أو محلية أو خارجية، مما يساهم بدعم الاقتصاد المحلي من جهة وزيادة الضغط على هذا الكيان الغاصب من جهة أخرى.

 

 

المداخلات والأسئلة:

عقب المداخلتين الأساسيّتين كانت هناك عدد من المداخلات أو الأسئلة من قبل الحضور:

سؤال من قبل (أحد الحضور):

1- هل من الممكن سن قوانين لدعم المقاطعة واعتبار التعامل مع الشركات الدعمة لإسرائيل كجزء أو كنوع من التطبيع يعاقب عليه في لبنان؟

2- السياسة الاقتصادية التي تم الكلام عنها يمكن تنفيذها بإيران نتيجة للعوامل الاجتماعية الموجودة أو حتى بسوريا كاقتصاد مقاوم، ولكن في لبنان بالظلم الذي نعيشه ومن اختلاف في السياسة والأفكار والمعتقدات، كيف يمكن تنفيذ هذه السياسة الاقتصادية في لبنان؟

رد الدكتور عبد الحليم فضل الله:

1- بالنسبة لسن قوانين، كان هناك مشروع لتعديل قانون المقاطعة في لبنان، فكان هناك فكرة لإدخال تعديلات لكن لم تتيسر الأمور، وأنا أشك أنه في لبنان من اليسير أن يتم تطبيق مثل هكذا قانون. فأقول بأنه يوجد مكتب مقاطعة في وزارة الاقتصاد وقانون المقاطعة كافي ولو بحدود معينة، ممكن أن يتحسن وأن يتطور ولكن القانون وعمل المكتب هو يكفي بحدود، بحاجة لتفعيل، ولكن للأسف مكتب المقاطعة لا يفعل لأسباب سياسية، لأن الذين يديرونه هم بمقلب سياسي أخر.

2- صحيح أننا لا نتحكم بالسياسات الاقتصادية في لبنان، فلا نستطيع ان نقوم بالتغيير الذي يقومون به بإيران أو بالعراق أو بسوريا أو بأي بلد ممانع. لكن نستطيع أن نعدل بالسياسات ضمن النظام القائم. يعني أن لا نطيح بالحرية الاقتصادية الموجودة بالدستور، ولا نغير شكل الاقتصاد لأسباب التنوع الموجود بلبنان، لكن قد نقوم بتعديلات طفيفة تؤدي لتغيرات كبيرة، وأنا أعطي مثال بسيط: في العام 2002 م قاموا في لبنان بالإفراط بالليبرالية الاقتصادية حيث اعتمدوا سياسة الأجواء المفتوحة والانفتاح الاقتصادي، فخفضوا الرسوم الجمركية على 90% من السلع من 15% إلى 5% فقط، وبالتالي جرى القضاء على قطاعات صناعية، كقطاع صناعة الأحذية مثلا (250 معمل في منطقة حي ماضي في بيروت تم إغلاقها بسبب هذه السياسة).

 

سؤال من قبل (أحد الحضور):

كل السلع اللي يتم استيرادها من الخارج هي من ناحية الجودة عالية، فهذه الأمور حتى الإمراة كأم في البيت هي اللي تعلم كل هذه الأشياء لأبنائها، فالجودة مهمة جدا، نحن كان عندنا في لبنان مستويات جودة عالية، ولكن للأسف بسبب السياسات الاقتصادية في لبنان، ودخول السلع الأجنبية، فأصبح عندنا استهلاك مفرط، فما هو الحل؟

رد الدكتور عبد الحليم فضل الله:

والصورة النمطية تجاه جودة المنتج الخارجي، هي صورة غير دقيقة دوما، بل هي مرتبطة بالتصورات الاجتماعية والقيمة الاجتماعية من خلال استخدام المنتجات والماركات الأجنبية، فالجودة لم يعد لها علاقة بالمتانة، بل لها علاقة بالتصور الاجتماعي تجاه نفسي والآخرين، فالمطلوب والحل يكون عبر تعديل هذه التصورات الخاطئة.

 

سؤال من قبل (أحد الحضور):

إذا أردنا أن نتحدث عملياً عن دورنا كأفراد في مشروع مقاومة اقتصادية، فما هو دورنا؟

وعندما ونقول مقاومة فأننا دائماً بموقع ردة الفعل، أما إذا أردنا أن نتحدث عن اقتصاد مقاوم هنا في لبنان أصبحنا نتحدث أكثر عن سياسات على مستوى الدولة، وخاصة حاليا هناك غياب شبه تام للدولة، فلا أدري هل على المدى البعيد يوجد أمل أن نصل إلى ما يسمى بالاقتصاد المقاوم؟

ومن ناحية أخرى، كون يوجد في إيران اقتصاد مقاوم، ما الذي يفسر الأزمات الاقتصادية المتتالية التي تحدث عند أي تدخل خارجي بإيران؟

رد الدكتور علي زعيتر:

عندما نتكلم عن الاقتصاد المقاوم هو شيء بحاجة لوقت وجهد كبير، فنحن تكلمنا بما له علاقة بتغيير البنية الادارية والثقافية للوصول لهذا الاقتصاد، وبالتالي هو مسار طويل الأجل نسبيا، عندنا بلبنان هو أمر ممكن رغم صعوبته، فصحيح أنه على مستوى الدولة هناك جمود تقريبا، لكن ما أريد أن أقوله أن الأمور صعبة جدا ولكن ممكنة على المدى الطويل أن تتغير، خاصة إذا ما نزلت لطبقات أدنى من مستوى الدولة، أي لمستوى الأسر والأفراد، فتكون الإمكانية أكبر. فإذا صارت ثقافة يكون التغيير أسهل. فمثلاً  إذا تم الإتفاق داخل المجتمع المقاوم لتغيير السلوكيات والإتفاق نحو مقاطعة السلع الإسرائيلية والبضاعة الأمريكية والأجنبية، عندما يمكن الكلام عن اقتصاد مقاوم.

ونحن في جهاد البناء نعمل على هذا التغيير وعلى خلق هذه الثقافة المبنية على التشجيع على الإنتاج وبذل الجهد، والتي تؤسس لهذا الاقتصاد المقاوم من خلال عدة مشاريع زراعية، فمثلا من هذه المشاريع التي نعمل عليها هي مشروع غلال (الذي يعمل على تحسين البذار كالقمح والحنطة والشعير، حيث أنه بعد 10 سنوات على نحصل على الإكتفاء الذاتي الأسري من هذه المواد بنسبة كبيرة)، ومشروع آخر لتأمين الماشية للأفراد عبر القرض الزراعي مما يعزز الإنتاج الحيواني من اللحوم والحليب على الصعيد الوطني، حيث زاد الهدف من 40 عائلة مستهدفة سابقا إلى 1000 عائلة مستهدفة حاليا على مستوى البقاع والجنوب. فكخلاصة العمل مع هذه الطبقات الأولى الاجتماعية يمكن أن يحدث هذا الفارق نحو تأسيس للاقتصاد المقاوم.

 

أما حول الجمهورية الإسلامية الإيرانية، نعم في الجمهورية الإسلامية يوجد مشكلة أساسية هي الحصار المطبق عليها، وهذا ما يزيد من موضوع التقلبات الاقتصادية الموجودة، والتي دائماً تجعلها تعيش بنوع من الصدمات، ولكن لو لم تعتمد الجمهورية سياسات الاقتصاد المقاومة لكانت الجمهورية اقتصاديا في وضع مزرٍ . فالشيء الذي حمى هو سماحة السيد القائد (حفظه الله) عندما أطلق شعار الاقتصاد المقاوم بشكل رسمي في العام 2007 م، وبلغت بالعام 2011 م كل الأجهزة بإيران للعمل ضمن شيء اسمه سياسات الاقتصاد المقاوم، وهي موجودة ضمن 13 بندًا. وكذلك تم وضع  رؤية وتصور للعشرين عام القادمة معه في الجمهورية، وهذا ما ساهم بمواجهة الصدمات الاقتصادية والحصار على الجمهورية.

 

مداخلة المستشار الثقافي في سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد كميل باقر زاده:

صحيح أن سماحة السيد القائد (حفظه الله) قد أطلق هذا المصطلح وهذا الشعار اتجاه الاقتصاد، وكذلك تم الاعلان عن السياسات، وتم تحويل هذه الأمور لقوانين، لكن في الواقع لم يتم تبني هذه الرؤية أو هذه السياسة أو النظرية الاقتصادية بشكل حقيقي من قبل حكومة.

فمثلاً في فترة رئاسة الشيخ روحاني، ثمان سنوات، الرؤية الاقتصادية في الحكومة التي هي بيدها مفاتيح الأمور، لم تكن رؤية الاقتصاد المقاوم، هم كانوا بشكل علني يعارضونها، أصلا الشيخ روحاني استطاع أن يحصل على أصوات الناس من خلال رؤية اقتصادية مغايرة تماماً مع رؤية الاقتصاد المقاوم، حصل على أصوات الناس من خلال إطلاق شعار أنه نتفاوض مع الغربيين ونحل مشكلة الحصار ونأتي بالأموال إلى الداخل، وصرفوا وقتهم وتركيزهم وكل شيء كان حول هذا الموضوع، يعني تم ترك هذا المجال نهائيا.

نحن عمليا منذ ثلاث سنوات مع بداية حكومة السيد رئيسي (رحمه الله) بدأنا بتطبيق الاقتصاد المقاوم، ولكن لم نصل بعد إلى النتائج، يعني هناك شغل جذري وبنيوي بدأ ولكن لم نصل إلى نتائج، هذا الجهد وإن شاء الله يجب على الحكومة القادمة أن تستكمل هذا المسار حتى خلال السنوات القادمة، خلال العشر سنوات القادمة، ومع الوقت نحصد النتائج بإذن الله تعالى.

الموضوع الثاني موضوع أن الاقتصاد المقاوم هو الاقتصاد الإسلامي، أتصور هنا يجب أن نفصل أو نشرح أو نبين أكثر، هل هذا هو الاقتصاد الإسلامي بالمعنى التقليدي والسنة أم لا، الجواب هو لا هذا هو نظرية الاقتصاد المقاوم هي نظرية الاقتصاد الثوري أو الثورة الإسلامية، ليس الإسلام بالمعنى الحوزوي التقليدي، هذه نظرية ثورية للاقتصاد، ولذلك ممكن تبني هذه النظرية في أي دولة، حتى مثلا في فنزويلا التي هي دولة ثورية أو ممانعة، فبهذه الطريقة ممكن أن نعمم هذا النموذج أكثر.

 

 

آخر تحديث : 2024-08-17
مشاركه في:

تعليقات

اترك تعليقك هنا