الروتين اليومي، فرصة لتأمين الاستقرار الأسري ما بعد الأزمات والحروب (2)

استكمالاً للجزء الأول من هذا المقال الذي تم فيه تناول الأزمات والحروب المعاصرة في مجتمعنا. وتعريف الروتين اليومي وأهميته.
سيتم الإجابة في هذا الجزء عن الأسئلة السابقة حول أهمية الروتين اليومي في تأمين الاستقرار الأسري خلال الأزمات والحروب. والكيفية التي يتم من خلالها إعادة العمل بالروتين اليومي الأسري وتحديدًا بعد الأزمات والحروب.
أهمية الروتين اليومي في تأمين الاستقرار الأسري خلال الأزمات والحروب
اعتماد روتين يومي يمكن أن يحسن علاقاتنا وصحتنا النفسية والجسدية وإنتاجيتنا وتركيزنا، ويقلل من التوتر. فالفرد بطبيعته لا يملك القدرة على السيطرة الكاملة على المتغيرات من حوله، وهنا يأتي دور أي روتين يعتمده الفرد ليعطيه شعوراً بالاستقرار والاتزان والتنبؤ بالمستقبل، ويسمح له بأن يبقى شخصاً فاعلاً ونشيطاً جسدياً ونفسياً وذهنياً، فهذا الروتين له تأثير إيجابي كبير على الجهاز العصبي، ولا سيما خلال الأزمات والحروب والظروف الصعبة، حيث يحتاج المرء إلى الروتين اليومي أكثر فأكثر (نصور 2024).
كما يبقى وجود الروتين جزءاً أساسياً من الرعاية الذاتية للفرد لنفسه، حيث يمكن أن يكون مفيداً للغاية للصحة العقلية، فأحد الأسباب المتعلقة بهذه الصحّة العقلية هو أنه إذا كنت تعلم أنك تقوم بأشياء معينة كل يوم بشكلٍ متكرر وثابت، فهذا يزيل الضغط الذهني المترتب عن التردد واتخاذ القرار، ما يعني بشكل آلي جهداً أقل. وهذا ما يتم فقدانه خلال الأزمات والحروب حيث يضطرّ الفرد لاتخاذ قرارات مفاجئة وخطيرة في بعض الأحيان لا يألفها في حياته اليومية (صحيفة الشرق الأوسط 2022).
والروتين اليومي ينظم حياة الشخص ويكررها بطريقة مريحة للعقل، فالأمر شبيه بفتح الفرد لخزانة ملابسه ويجدها مرتبة ومقسمة على طريقته التي يفضّلها، وهنا يشعر بالراحة ويدرك أين وضع أغراضه. كذلك يفعل الروتين، فالعقل يحب التنظيم والتكرار المتوقّع. وهناك روتينات يوميّة توفّر السعادة مثل روتين الصلاة والأدعية، أو وضع الأهداف والعمل عليها، أو ممارسة الرياضة أو التأمّل في مخلوقات الله تعالى، جميعها أمثلة تعطي شعوراً بالراحة وتدعم الصحة النفسية، ولهذا فإن تمّ فقدان هذه الروتينات من قبل الأفراد خلال الأزمات والحروب، سيزيد مستوى القلق عندهم (نصور 2024).
الخلاصة
بناءً على كل ما تقدّم سيتم الإجابة على السؤال الإشكالي الآتي الذي ورد في بداية هذا المقال: كيف يمكن تحقيق الاستقرار النفسي لدى الأسر والأبناء خلال الأزمات والحروب استنادًا على الروتين اليومي للأسرة؟
بدايةً الروتين هو نظام لتمكين الأفراد من العودة لأنشتطتهم ومهامهم وحياتهم اليومية، بهدف خلق إحساس بالاستقرار النفسي والجسدي والعقلي، والذي بدوره يؤدي للشعور بالأمان الأسري، وبالتالي فالروتين بعد الأزمات والحروب هو حاجةً وليس رفاهيةً، وهو ضرورة لكل أسرة فقدت استقرارها.
أما حول كيفية إعادة العمل بهذا الروتين اليومي وتحديدًا بعد الأزمات والحروب:
علينا أن نعرف أنه ليس المهم توفير الحد الأقصى من الروتين اليومي، بل إن توفير أي نسبة، ومهما كانت قليلة، هي مسار صحيح في طريق تحقيق الاستقرار النفسي لأفراد الأسرة، والمسار هو على الشكل الآتي:
أخيرًا:
العودة للروتين هو ضرورة لتحقيق الاستقرار النفسي لدى الأفراد وأسرهم، لتجنّب الوقوع في القلق والاضطرابات النفسية أو الاكتئاب.
ولا ننسى أن المفتاح السرّ لعودة الروتين اليومي للأسرة هو التوكّل على الله تعالى بالاستناد إلى القناعة والصّبر والتدرّج والتقوى، بسم الله الرحمن الرحيم "وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَل لَهُ مَخرَجًا" (القرآن الكريم، سورة الطلاق، الآية 2).
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- صحيفة الشرق الأوسط. (22 أيار, 2022). لماذا يعد الروتين مهماً جداً للصحة العقلية؟ تم الاسترداد من صحيفة الشرق الأوسط: https://aawsat.com/home/article/3659846/
- فرح نصور. (8 تشرين الثاني, 2024). الروتين ضرورة تدعم صحّتك النفسية وعليك تثبيته لا كسره. تم الاسترداد من جريدة النهار: https://www.annahar.com/health-science/168244/
تعليقات